قضية الشهادة----------
خذ مثلاً قضية كقضية الشهادة (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) هكذا قال الله تعالى في أطول آية في القرآن الكريم وهي آية المداينة التي يأمر الله تعالى عباده فيها بالاستيثاق لحقوقهم حتى لا تضيع وحتى لا تتناكر فأمر بكتابة الدين، وأمر بالإشهاد قال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) حينما يكون لك دين على آخر في قضية مالية حاول أن تستشهد برجلين فهذا أوثق لإثبات حقك وعدم ضياعه، قد تستشهد بامرأة فيمنعها زوجها أن تأتي يوم الشهادة أو يمنعها أبوها .. ضاع حقك (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) هذا أوثق للحقوق، قد لا تساعد ظروف المرأة على الحضور للشهادة، فالأولى بالناس حينما يريدون أن يثبتوا الحقوق ويؤكدوها أن يستشهدوا بالرجال (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) لماذا رجل وامرأتان؟ لم يقل القرآن أن ذلك لنقص ذكاء المرأة أو لأنها أقل من الرجل إنما علله بعلِّة واضحة معقولة قال (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) أن تنسى إحدى المرأتين فتذكرها الأخرى، ولماذا تنسى المرأة؟ لأن هذه المعاملات المالية ليست من اهتمام المرأة، ليست من محاور الحياة التي تعنى بها وتنشغل بها، هي تنشغل بالبيت إن كانت زوجة، تنشغل بالأولاد إن كانت أماً تنشغل بالزواج إن كانت أيمة، تنشغل بالزينة وأمور النساء، إنما هذه المعاملات فليست مما تهتم به، ولذلك سرعان ما تنساها، بعد مدة من الزمن تنسى هذه الحادثة، ولا يعلق منها إلا أشياء لا تفيد الحكم ولا تنفع عند القضاء، ولهذا ليست وثق الناس لحقوقهم قال الله تعالى رجل وامرأتان (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) هذه هي القضية، ليس هذا امتهاناً للمرأة ولا احتقاراً لها، إنما هو اعتراف بحقائق الحياة كما هي، لم يرد القرآن ـ وهو كلام الله ـ أن يجامل المرأة على حساب الحق، إنما قرر هذا الحق ليقوم العدل في الأرض، ولهذا نجد في بعض الأحيان شهادة المرأة تقبل وحدها فيما تختص به، في أمور الرضاع، في أمور البكارة والثيوبة والحيض والولادة، المرأة تشهد، أنا أرضعت فلان، وتقبل شهادتها وحدها، فلانة ولدت أمامي كذا، تقبل شهادتها، إذا كانت قابلة أو نحو ذلك، في بعض الأمور شهادة المرأة وحدها تكفي، وفي بعض المجتمعات التي لا يحضر فيها إلا النساء تقبل شهادة النساء حتى في الجنايات، التي يقول جمهور الفقهاء لا تقبل فيها شهادة النساء وهذا ليس بالإجماع، عطاء يجيز شهادة النساء حتى في الحدود والقصاص، والفقهاء الذين منعوا ذلك منعوه حتى لا تضيع الحقوق لأن المرأة قد ترى الجريمة فتغمض عينها، المرأة لا تطيق أن ترى رجلاً يقتل رجلاً أمامها، المرأة من حيائها لا يمكن أن تشهد على رجل زنى بامرأة أو غير ذلك، فلذلك جنبها الإسلام هذه المواضع ومع هذا قالوا: لو وجدت جريمة في مجتمع نسائي كما يحدث في الأعراس حيث يكون للنساء مكانهن وللرجال مكانهم، فلو اعتدت امرأة على أخرى بجرح أو قتل ولا يوجد إلا النساء هنا تقبل شهادة النساء، وكذلك قالوا في حمامات النساء لو اعتدت امرأة على أخرى، ليس الأمر تعصباً ضد المرأة إنما هو تعصب للحقائق ومراعاة للعدل وبحث عنه بقدر الإمكان.