ليست المرأة اصل الشقاء ---------
نقتصر اليوم على حديثنا عن المرأة باعتبارها إنسانية، فالمرأة إنسان كالرجل، لا تنقص في إنسانيتها عن الرجل، ليست كما قال أولئك الذين ظلموها وأنها لا روح لها وأنها ليست كالرجل في الجزاء، كل هذا أبطله الإسلام العظيم بقرآنه وسنته، الله تعالى يقول (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) قص عن ذلك المؤمن، مؤمن آل فرعون إذ قال (يا قوم اتبعونِ أهدكم سبيل الرشاد * يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار * من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) ويقول تعالى (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً * ومن يعمل الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون فيها نفيراً)، (من ذكر أو أنثى) العمل الصالح يقبل من الذكر والأنثى، والعمل السيء يجازى به الذكر والأنثى، عدل الله واحد، الذكور والإناث عنده سواء فهو رب الجميع وخالق الجميع وإله الجميع، الله سبحانه وتعالى قرر مسؤولية كل من الرجل والمرأة، وقرر وحدة الجزاء والمصير بالنسبة لهما، وقال الله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)، (خلقكم من نفس واحدة) من نفس آدم (وخلق منها زوجها) بعض الناس يفهم منها أنه خلقها من ضلع آدم وهذا لم يثبت به حديث صحيح، إنما خلق منها زوجها كما قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) هذا خطاب للمكلفين جميعاً من الرجال (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فالله خلق للرجل من نفسه، أي من جنسه زوجاً ليسكن إليها كما قال تعالى (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده، خلق الله هذا الكون على سنة الازدواج على قاعدة الزوجية، كل شيء يحتاج إلى ما يقابله ليتكون من هذا الزوج شيء تحتاج إليه الحياة، كما قال تعالى (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) ولذلك رأينا الذكر والأنثى في الحيوان ورأينا الموجب والسالب في الكهرباء وفي الذرة، قاعدة الزوجية هذه القاعدة العامة في البناء الكوني حتى في الذرة التي هي أساس لهذا البناء، ولهذا حينما خلق الله آدم وأسكنه الجنة، لم يدعه وحده بل خلق له زوجاً ليسكن إليها، وهذا معناه أنه خلقها خلقاً مستقلاً، لم يحدثنا عنه كما حدثنا عن خلق آدم، إنما خلق حواء لتكون أنيسا لآدم وشريكاً له فيما يريده الله له بعد ذلك من الاستخلاف في الأرض (خلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً) حينما أسكن الله آدم الجنة خلق له حواء وقال (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما) فلا معنى لجنة يعيش فيها الرجل وهو ليس معه شريكة لحياته، هذا أول ما أمر الله عز وجل به، أول تكليف إلهي صدر من الله تعالى لهذا الجنس كان هذا التكليف للرجل والمرأة معاً، لآدم وزوجه (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) هذا التكليف بالامتناع عن الأكل من الشجرة، كان امتحاناً إلهياً لآدم وزوجه، امتحان لإرادة، هيأ الله له أن يأكل رغداً من كل ثمار الجنة وكل أشجار الجنة إلا شجرة واحدة، ولكن آدم عليه السلام وزوجه تبع له أكلا من هذه الشجرة، نجح آدم في امتحان العلم ولكنه لم ينجح في امتحان الإرادة وأكل من الشجرة المنهي عنها، ولكن سرعان ما نجح في الملحق، نجح في التوبة وغسل ذنبه بالتوبة إلى الله عز وجل