أول مسلم وأول شهيد----------
كانت المرأة أول من استجاب لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أول صوت استجاب لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم كانت صوت امرأة، كان صوت خديجة بنت خويلد، زوجته الأولى التي جاءها بعد أن نزل عليه جبريل وقرأ عليه الآيات الأولى من القرآن (اقرأ باسم ربك الذي خلق) جاءها يرجف فؤاده ويقول "زملوني زملوني غطوني غطوني" وخائف من هذا الشيء الجديد الذي لم يكن يرجوه ولا يتوقعه (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) لكن هذه المرأة أخذت بيده وثبتت فؤاده وقالت له تلك الكلمات الناصعة الحكيمة "والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتُكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر" عرفت بفطرتها وثاقب فكرها أن مثل هذا في سنن الله لا يمكن أن يخزى، لا يمكن أن يخزي الله رجل مثل هذا، تريد أن تقول له إن الذي رأيته لا يمكن أن يكون شيطاناً فلماذا تخاف "والله لا يخزيك الله أبداً" ثم ذهبت معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي زاده طمأنينة على طمأنينة ويقيناً على يقين، هذا هو صوت الإسلام الأول الذي كان مع محمد صلى الله عليه وسلم، أول من آمن من الناس جميعاً خديجة بنت خويلد، وأول دم أريق في سبيل الله، أول شهيد في الإسلام لم يكن رجلاً بل كان امرأة، كان سمية أم عمَّار بن ياسر، وزوجة ياسر، هذه الأسرة التي امتُحنت في ذات الله، وابتُليت بأشد العذاب من عتاة قريش من أبي جهل وأمثاله، ووضعوا تحت نير العذاب، ومر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون، فلم يملك إلا أن قال لهم "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة" فقد ماتت أم عمار وأبو عمار تحت العذاب، طعن أبو جهل ـ لعنه الله ـ سمية في موضع عفتها برمح أو بحربة فقتلها، ثم لحق بها زوجها ياسر بعد ذلك، كانت سمية أول شهيد في الإسلام، فلا عجب أن يقول الله تعالى (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) الإسلام جاء للرجال والنساء جميعاً، وحينما نزل قول الله تعالى (وانذر عشيرتك الأقربين) جمع أقاربه، عشيرته الأقربين وقال لهم "يا بني عبد مناف اعملوا فأني لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب ـ عم رسول الله ـ اعمل فإني لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً، لا يأتيني الناس يوم القيامة بالأعمال وتأتوني بالأنساب من بطَّـأ به عمله لم يسرع به نسبه" وجه الدعوة إلى الرجال والنساء جميعا، فالإسلام جاء للجنسين كليهما.